بقلم البروفيسور إبراهيم أبو جابر
القائم بأعمال رئيس حزب الوفاء والإصلاح
قراءة: تداعيات قانون إلغاء علّة المعقوليّة على فلسطينيي الدّاخل
يُعدّ إقرار الكنيست الإسرائيلي قانون إلغاء علّة المعقوليّة رسميًا، المقدّم للتّصويت عليه من طرف حكومة نتنياهو الفاشيّة، أحد تجلّيات النّهج العنصريّ للسّياسات الإسرائيليّة منذ عام 48 ضدّ فلسطينيي الداخل، وإضافةً جديدةً لجملةٍ من القوانين الظّالمة وأهمّها قانون القوميّة المشؤوم.
يحمل القانون المذكور في طيّاته مجموعةً من التّداعيات السلبيّة على الدّاخل الفلسطيني عامةً، فمن خلال قراءةٍ متأنّيةٍ واستشرافٍ لعواقب قانون إلغاء علّة المعقوليّة، يَرشَحُ ما يلي:
أوّلاً، المسّ بحقوق الإنسان الفلسطيني في الدّاخل في جميع مناحي الحياة، مثل تقييد حريّة التّعبير، وتغوّل الشّرطة الإسرائيلية والأجهزة الأمنيّة في التعامل مع العرب، والإمعان في قمعهم، وزيادة حالات المنع من السّفر للخارج، ومرافقة ذلك تكثيف الملاحقة السياسيّة للقيادات العربيّة والرّموز الدينيّة والوطنيّة.
سيعاني الفلسطينيّون في الدّاخل أيضًا من سياساتٍ عنصريّةٍ أخرى تمسّ بحقوقهم الطبيعيّة في العمل والتّوظيف، بنيّة تنغيص معيشة هؤلاء ومحاولة دفعهم نحو الهجرة.
ثانيًا، فرض عقوباتٍ وقيودٍ قانونيّةٍ على الأفراد والمؤسّسات العربيّة في الدّاخل، مثل ربما حَظر لجنة المتابعة العليا، وأحزابٍ سياسيّةٍ وحركاتٍ دينيّةٍ ووطنيّةٍ ومؤسّساتٍ خدماتيّةٍ ناشطةٍ وفاعلةٍ، وإخراجها عن القانون.
إنّ الوارد أيضًا في هذا السياق، الإقدام على سحب الجنسيّة الإسرائيليّة ممّن لا يروق للمؤسّسة الإسرائيليّة من قياديين وسياسيين وناشطين مجتمعيًا، لا بل فالمرشّح أيضًا سحب الجنسيّة من أسرى الدّاخل السياسيين، وهناك من يرى احتمال حظر بعض الأحزاب العربيّة المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي أيضًا.
ثالثًا، زيادة الرّقابة على وسائل الإعلام العربيّة بأنواعها، والعمل السياسي عامّةً، بتكثيف جهد الرّقابة العسكريّة على المطبوعات والمنشورات بالّلغة العربيّة، وتتبّع منصّات التّواصل الاجتماعي المختلفة ومواقع التأثير الإلكتروني. إنّ هدف المؤسّسة ممّا سلف إن تمّ، هو تكميم أفواه وأقلام ومواقع التأثير العربيّة في الدّاخل.
رابعّا، التّدخل أكثر في عمل السّلطات المحليّة العربيّة والحدّ من امكانيّاتها في تقديم الخدمات اللّازمة للسّكان العرب، وهذه السياسات قد تتمثّل في تقليص الميزانيّات المرصودة للمجالس المحليّة والبلديّة واشتراط تقديمها أحيانًا باختلاق مبرّراتٍ وهميّةٍ وغير مقنعةٍ للتملّص من تحويلها (كما فعل وزير الماليّة الفاشي سموتريتش)، وفرض عقوباتٍ ماليّةٍ على مجالس وبلديّاتٍ عربيّةٍ واقتطاع مبالغ من مستحقّاتها القانونيّة لأتفه الأسباب.
ويتوقّع أيضًا، استغلال دوائر التّرخيص والّلجان المعنيّة بإعاقة المصادقة على الخرائط الهيكليّة للبلدات العربيّة، والمماطلة في استصدار رخص بناءٍ أيضًا للسّكان العرب.
إنّ خلاصة الموضوع تشير إلى حتميّة تأثر فلسطينيي الداخل كثيرًا من جرّاء إقرار قانون إلغاء علّة المعقوليّة، كما يُفهم ولو بقراءةٍ استشرافيّةٍ سريعةٍ، لكنّ مجتمعنا كما هو شعبنا الفلسطيني، يملكون عوامل إفشال كلّ المشاريع الإسرائيلية الظلاميّة ومخطّطاتهم الفاشيّة، والأمثلة كثيرةٌ ابتداءً من فشل الحكم العسكري في تدجين فلسطينيي الدّاخل، مرورًا بالأسرلة وسيمفونيّة التّعايش الزائفة وغيرها كثير، فنحن أصحاب الأرض وملحها.