بقلم دانية خالد حجازي
باحثة اجتماعية ومستشارة أسرية 

                             كيف نستثمر العطلة الصيفية للأبناء


مع بداية العطلة الصيفية، كثير من الآباء والأمهات يفكرون في استثمار أوقات أطفالهم، ولكن القليل منهم من يخطط لهذا الاستثمار وفي الغالب لا ينجح ،لأن الاستثمار يحتاج إلى التخطيط الجيد ويستلزم تحديد الأهداف والغايات التي نطمح إلى تحقيقها.

إن الغالب على أبنائنا في العطل الصيفية هو الكسل وتفريغ الوقت بلا هدف وبلا قيمة حيث تعم الفوضى واللامبالاة وعدم الإحساس بالوقت ، بحيث يقضي معظم الأبناء أوقاتهم بالسهر على النت ووسائل التواصل الاجتماعي حتى ساعات الفجر الأولى، وينامون حتى ساعات ما بعد العصر ، يستيقظون من سباتهم بكسل وملل ،لأن مفهوم العطلة لديهم هو الراحة والاسترخاء وعموم الفوضى الحياتية وإيقاف عامل الزمن.

لكي ينتفع أولادنا، علينا أولاً أن نخطط ونبني برامج مفيدة وقيمية وممتعة وهذا يكون بمشاركتهم لنا بالتخطيط ،كي يعي الأبناء أن العطلة الصيفية هي استثمار لبناء وصقل الشخصية.

ومن الاعمال والبرامج التي يجب أن يضعها الوالدان في أعلى سلم أولويات التخطيط لتربية وغرس القيم للأولاد هي دمجهم في العمل التطوعي وانخراطهم في سوق العمل وفق ما تسمح به أجيالهم وقدراتهم ، فلا بد من التنويه للآباء والأمهات أنه يجب ان يُدمج الأولاد بالأعمال التطوعية قبل اندماجهم بسوق العمل، لأن العمل التطوعي ثروة إجتماعية وقيمة إنسانية، حيث يقوم على فكرة التكافل الاجتماعي ويعزز قيمة العطاء ، فتدريب الأطفال على الأعمال التطوعية يُشغِل أوقاتهم كما يشعرهم بالسعادة ويكسبهم الكثير من الخبرات وينمي عندهم مهارات وقدرات وبناء شخصية قوية وثقة بالنفس، وينمي مبادئ وقيمًا تجعل من الطفل عنصرًا نافعا لنفسه ولمجتمعه، وينمي لديه حب العطاء والتعاون وكذلك الذكاء الاجتماعي والتواصل مع الآخرين.

بعد أن يعتاد الطفل على العطاء والانخراط في العمل التطوعي، لا بأس من خروجه للعمل في العطل الصيفية في مرحلة الاعدادية والثانوية، وفق ما تسمح به أجيالهم وقدراتهم كما أسلفنا، مع الحرص التام أن نخصص يومًا او جزءًا من اليوم للعمل التطوعي حتى يشعر بالمسؤولية والانتماء والإخلاص للعمل.
من البرامج المفيدة التي يمكن أن يستثمر بها ابناؤنا أوقاتهم هي زيارة المكتبات العامة والاشتراك الأسبوعي في المطالعة والتثقيف والتنويع في القراءة حتى يصبح فكرهم نيرًا بألوان مختلفة من الثقافة، وكذلك حرص الأهل على اصطحابهم إلى المساجد وتعويدهم على ذلك، وتخصيص وقت لحفظ القرآن وقراءة الحديث النبوي وإشراكهم في دورات رياضية أو تعليمية نافعة ، وتخصيص الوقت الكافي لزيارة أماكن في بلادنا لم تتم زيارتها من قبل، ومنها الأماكن والقرى المهجرة، فهذه وسيلة لغرس قيم الانتماء وحب الوطن وبناء الهوية.

وكي ينشأ أطفالنا بأجواء صحية وسليمة علينا ان نبدأ بتعليمهم إدارة الوقت واستثمار اليوم بالتخطيط الجيد وبناء برنامج يومي يساعدهم في تحقيق الأهداف.