بقلم أ. يوسف كيال

 

العنف والجريمة أسباب وحلول(2-2)

 

قد يظن المرء في ظل هذا الواقع المرير وغير المسبوق أن الصورة بشعة لدرجة التسليم بشعور اليأس والقنوط وفقدان الأمل بتغيير الواقع لأفضل حال، من خلال وضع حد لهذا الانفلات اللاأخلاقي عند ثلة من أبناء مجتمعنا في الداخل الفلسطيني وللظواهر السلبية المنتشرة على صعيد واسع.

وأرى هنا من باب أمانة الكلمة الصادقة والموضوعيةأن الواقع قابل جدًا للتغيير، فلا ينقص مجتعمنا من المقدرات البشرية والمشاريع الهادفة ما يضمن تغيير الحال، وشخصيًا أرى في نهاية النفق نورًا ولهذه الظواهر نهاية، وينتظرنا مستقبل مشرّف وحياة آمنة وكريمة كما كان الحال لمئات بل آلاف السنين، هذا على افتراض أنّ الإرادة للتغيير موجودة، والسواعد مشمّرة للعمل، ولكل دوره من موقعه.

هنالك مسؤولية فردية على كل إنسان فلسطيني من خلال عيشه كقدوة حسنة يحتذى بها، ويرتقي بمحتمعه في نفسه، وهذا من خلال التحلّي بالقيم الحميدة والتزام المبادئ الوطنية الشريفة، وأخذ زمام المبادرة بنصيحة الآخرين والتعاون الفعلي في مشاريع بنّاءة.

 

  تستطيع الأحزاب السياسية لعب دورٍ كبير في زيادة منسوب الوعي الوطني، وتعزيز الهوية الوطنية، ومحاكاة الأحداث السياسية والمتغيرات من خلال فعاليات تتجند فيها هذه القوى بإشراك وتفعيل أوسع قطاع ممكن من كافة طبقات المجتمع ، والتي حتمًا ستؤثر على الأداء الإيجابي للفرد وتقليص التوغل في الفساد الاجتماعي، فمن يحمل قضايا وطنية سامية، لا يقبل، من باب المروءة، أن يكون جزءًا من منظومة الفساد الاجتماعي.

 

المؤسسات الاجتماعية الفاعلة والسلطات المحلية والأحزاب الوطنية عليها جميعًا أن تأخذ دورها في تثقيف الفرد والارتقاء بوعيه على كافة الأصعدة من أجل أن تكون لهذا الفرد قراءة صحيحة للواقع ولا يُضيّع بوصلته الوطنية والاجتماعية، وهذا مشروع هائل من الواجب أن يتجند له لكل الفاعلين على الساحة.

 

ولابد للمدارس والمكتبات العامة وغيرها من المؤسسات الثقافية أن تأخذ دورها في إعادة الهيبة للكتاب والقراءة، فإن الجهل قد عمّ وطم، وأصبح العنف نتيجة لهذا الجهل، كما أنه لابد من استثمار تجربة ذوي الأسبقيات الجنائية الذين غيّروا حياتهم إيجابيًا، ليأخذوا دورهم في توعية الشباب ودمجهم في مشاريع توعوية في المدارس وفي الفعاليات اللامنهجية، فإنّي على يقين أنهم يستطيعون المساهمة في زيادة الوعي والحد من العنف وتحذير الشباب من الانزلاق إليه من معرفتهم وتجربتهم، وهنا أستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: " خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" .

هذه بعض الإقتراحات العملية التي ممكن أن تساهم ولو بشكل بسيط في تغيير الحال إلى الأفضل.

وبالنهاية، إذا كانت هناك إرادة فردية وجماعية للتغيير فإنه حتمًا سيكون.