بقلم المستشارة  والباحثة الاجتماعية

دانية خالد حجازي

جائحة كورونا وأثرها على المستوى النفسي

 

إنّ الإغلاق والمكوث الإجباري بين جدران البيت لعدة أيام بسبب جائحة كورونا  التي فرضت الحجر الصحي  على أغلبية الناس حول العالم في خطوات لتجنب تفشي فيروس كورونا ليس بالأمر الهين ولا يستهان به، كونه اجراء ًاستثنائيًا يقيد حريات الأشخاص ويتسبب بعوامل قد تؤدي إلى مشاكل نفسية للكثير من الأفراد ،فما هي الآثار النفسية لجائحة كورونا ؟ وكيف يمكن أن نتخطاها؟

إنّ الانفعال والقلق والتوتر من أكثر التأثيرات النفسية التي تصيب الناس نتيجة الحجر الصحي عموماً والمصابين بالفايروس والمتضررين اقتصادياً على وجه الخصوص.

 يُعتبر الإغلاق والحجر المنزلي بعيدًا عن الأهل والأصدقاء وفقدان حرية التجوال ، والخوف من العدوى وانتشار المرض ، الكسل والخمول والخوف من المجهول وذلك كله يجعل الأثر النفسي عميقًا لدى جميع من يصابون بهذا المرض من محجورين ومخالطين ومصابين ومتعافين وحتى العائلة المخالِطة للمصاب، وتبقى فوبيا العدوى هي الرعب الأكبر الذي يسيطر على نفسية الأشخاص، وبما أننا مجتمع تحكمه الاجتماعيات فإن العزل والحجر المنزلي يمكن أن يؤثر بقوة في نفسية الناس المحجورين، بالإضافة  إلى الافراد الذين يفقدون أماكن عملهم نتيجة الصعوبات المادية وحالة الطفر الشديد لفقدان وظائفهم وأصحاب المحلات التجارية الذين أُغلقت تجارتهم في مثل هذه الظروف من الممكن أن يتعرضوا لمشاكل نفسية حادة، وإنّ المستقبل المجهول لهذا الفيروس والعسر المادي هي بمثابة عاصفة هوجاء تجتاح الصحة النفسية للناس.

إنّ أكثر الناس عرضة للإصابة بالتوتر بالدرجة الأولى هم كبار السن الذين يصارعون بخوف وقلق لتجنب الإصابة بالوباء وتجنب الوحدة والعزل المنزلي، وبما أنّ التعليم هو أهم بوابات الدخول إلى المستقبل ومن أكبر المؤثرات الفاعلة في بناء الوعي الفكري وتنوير العقل بالعلم والمعرفة ، لذلك فإنّ عدم جاهزية المؤسسات التعلمية والأهل والطلاب للتعلم عن بُعد بمهنية وبرامج وأدوات متقنة لإعادة رسم المسار التعليمي من جديد قد أجبر الآباء والأمهات على ملازمة أبنائهم في حصص التعليم، وهذا الحال أضاف موجة أخرى من القلق والخوف.

 

كما أن الشائعات المنتشرة  والأخبار المتناقضة  أدخلت الناس في دوامة أخرى ساهمت  في التعب النفسي الذي يعاني الناس منه أصلًا .

وللوقاية من كل عوامل التأثير السلبي على النفس وللحفاظ على الصحة النفسية السليمة فإني أنصح بالتواصل الدائم مع الأهل والأصدقاء، وقد يكون التواصل عبر وسائل  التواصل الاجتماعي وكذلك إشغال النفس بالهوايات والقراءة والكتابة  ومشاهدة البرامج النافعة في وسائل الإعلام والبث الفضائي والقيام بأعمال صيانة للبيت وممارسة الرياضة  كالمشي والجري وغيرها من أنواع الرياضة ،والمحافظة على نظام  الحياة الذي اعتدنا عليه  قبل الجائحة. وفي قمة هذه العوامل التي تحفظ  على النفس سلامتها تقف  العبادات  بكل أنواعها  من ذكرٍ وصلاةٍ وتلاوةٍ للقرآن، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إعداد برنامجٍ نستثمر فيه الوقت على أكمل وجه .