بقلم البروفيسور إبراهيم أبو جابر

نائب رئيس حزب الوفاء والإصلاح

القائمة المشتركة في الميزان

(دورة الكنيست 23)

 

 

عقد المشاركون في انتخابات الكنيست الآمال على ما قد تنجزه القائمة المشتركة بعد حصولها على خمسة عشرة مقعدًا في الدورة الأخيرة للكنيست، حينما غدت القوة الثالثة فيها، فاستعد الأعضاء العرب لحصد ثمار ذلك، عاقدين العزم على خوض اللعبة السياسية كاملةً، ولكن هيهات هيهات.

 

يعلم الجميع علم اليقين أنهم لم يكونوا الوحيدين من مجتمعنا العربي في الداخل ممن رفعوا أصواتهم في وجه السلطة، ومن على منصة الكنيست مطالبين صنّاع القرار الإسرائيليين بالمساواة والمواطنة الكاملة والخدمات، دونما مجيب.

 

لقد اصطدم أعضاء القائمة المشتركة بنفس الواقع الذي واجهه سلفهم من أعضاء كنيست عرب ممن مروا بنفس التجربة، فبقيت مطالبهم رهن ملفات في أدراج الوزارات الحكومية المختلفة، ولكن هل من معتبر؟ 

اٍن المتابع لأداء القائمة المشتركة خلال الدورة الأخيرة للكنيست (دورة 23) يدرك تمامًا مسار الدالة البيانية لعملها السياسي وواقع الشراكة بين مكوناتها.

 

أولًا، تعثّرت مركبات القائمة المشتركة مباشرةً بعد الانتخابات الأخيرة للكنيست عندما أوصت بالجنرال بنيامين غانتس مرشحا لتشكيل الحكومة، ظانين أنهم بدعمهم له سيحصلون على مطالبهم ذات العلاقة بالمجتمع العربي من مساواة وتحسين أوضاع العرب المعيشية ووقف هدم البيوت وتغيير بعض القوانين العنصرية كقانون القومية وما إلى ذلك..والنتيجة معروفة، وهذا ما ألّب الناخبين العرب على أداء القائمة المشتركة، وأفقد الكثيرين الثقة بها.

 

ثانيًا، موقف القائمة المشتركة ممثلةً في بعض مكوناتها من قضية الشذوذ الجنسي عامة، وقد بات معلومًا للجميع موقف القائمة من هذا الأمر ودعمها الواضح والصريح وبعضهم بالتلميح  لهذه الفئات المنبوذة دينيًا وأخلاقيًا ومجتمعيًا، الأمر الذي وضع القائمة المشتركة في حالة من الإرباك والتخبّط بعد ردّة الفعل الشعبية الرافضة لهكذا نهج وسلوك غير ملتزم. ويشار أيضا أن موقف بعض مركبات القائمة المشتركة المؤيد والمدافع عن شركة "طحينة الأرز" التي تساند وتدعم الشذوذ الجنسي أفقد المشتركة ثقة الكثيرين من الشارع العربي بها. 

 

ثالثًا، تصويت مكوّنات من المشتركة لصالح مشاريع قوانين خاصة بفئة الشاذين جنسيًا وداعمة لهم أيضًا، مثل قانون منع علاج هؤلاء والذي صوّت لصالحه ثلاثة أعضاء من مكونات المشتركة، وتغيّب ثلاثة آخرون عن التصويت وعارضه أربعة آخرون. اٍن هذا النهج للقائمة المشتركة لن ينساه الناس ولا جمهور المصوتين لها أبدًا لأنه تطاول على أهم ثابت من ثوابتنا وهو الدين.

 

رابعًا، التصويت غير المنضبط داخل القائمة المشتركة على مشاريع القوانين المعروضة أمام الكنيست، وانفراد مكوّن أساس من مكوّناتها وهي القائمة العربية الموحدة بعدم الاٍلتزام بموقف المشتركة العام، وهذا تمّ أكثر من مرة عند طرح مشروع قانون حلّ الكنيست، وملف الغواصات الخاص ببنيامين نتنياهو، الأمر الذي أجّج الخلاف جدًا بين مختلف مكوّنات المشتركة.

 

خامسًا، الخلافات والمناكفات المتبادلة بين مختلف مكوّنات المشتركة والتي لا تزال تعصف بها وتهدّد بقاءها موحدةً نتيجة لما عٌرف بانزلاقات رئيس اٍحدى مركباتها وهي القائمة العربية الموحدة، واتهامهم له بالتمرد على إٍجماع المشتركة في التصويت والممارسة بخاصة تَقَرُّبه من نتنياهو بعد مشاركة الأخير في جلسة "لجنة مكافحة العنف في المجتمع العربي"، وما تبع ذلك من ملاسنات وخطاب مهادن من د. منصور عباس لنتنياهو والليكود والإطراء على دور الشرطة، وما أتبعها في وسائل الإعلام المختلفة، ما فسّره قادة المشتركة محاولة من نتنياهو لتفكيكها .

 

وأخيرًا هذه ثمار المشاركة في انتخابات الكنيست الضارّة التي طالما حذّر المقاطعون من الانزلاق فيها بعدما جرّبها من سبقوا بلا مردود ، ولعل القادم أصعب إذ وُضعت القائمة المشتركة أمام خيارين إما البقاء "موحدةً" أو التفكك والانقسام اٍلى معسكرين، ولا يخلو أي من الخيارين من المصالح الضيقة للأحزاب ، مع الإشارة اٍلى إخواننا من مؤيدي المشاركة من أبناء مجتمعنا وشعبنا بإعادة النظر في قضية الكنيست واستخلاص العبر مما حصل من وعود عرقوبيه وانزلاق بعد انزلاق لنتبنى جميعا مشروع المقاطعة والعمل الشعبي والجماهيري وإصلاح لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية باعتبارها بيتًا للجميع.