بقلم
الناشطة الاجتماعية
نادية ملك جبارين
الأخلاق وانعكاسها على حياتنا ...
يقول الرسول الكريم ﷺ في الحديث النبوي الشريف (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وهذا يدل على أهميه الأخلاق في المجتمع ومدى تأثيرها سواء سلبًا أو إيجابًا على المجتمع، فالأخلاق كلمة شاملة لكل القيم والمبادئ والسلوك الإنساني الحميد والحسن والتي بموجبها تسير الحياة بشكل صحيح وباتجاه الهدف الذي يحقق مبادئ الإنسان على هذه الأرض. من هنا نجد أن عملية الحكم على أي مجتمع من المجتمعات توجب النظر إلى السلوك المتبع في عمليه التعامل بين أفراد هذا المجتمع ، ومن خلال تلك النظرة إلى السلوكيات في هذا المجتمع تسطيع أن تحكم على مدى التطورالذي وصل إليه المجتمع، ذلك لأن انتشار الأخلاق الحسنة في أواسط المجتمع ينعكس بالإيجاب على كل المجالات ومن ناحيه أخرى نجد أن السقوط والانحطاط الأخلاقي ينعكس سلبًا ويؤثر في كل جوانب الحياة، وبما أننا مجتمع مسلم وديننا يأمرنا باتباع الأخلاق الحميدة وترك الأخلاق السيئة ما جعل هذه المبادئ والقيم معيارًا ينعكس على حياتنا بالسلب والإيجاب .فالأخلاق الإسلامية صالحة لكل إنسان ولكل زمان ومكان مع اتصافها بالسهولة واليسر ورفع الحرج .الاخلاق ما هي إلا شكل من أشكال الوعي الإنساني كما تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدولُ النُّظُمَ والقوانين.فمصدر الإلزام في الأخلاق الإسلامية والخلق لدى الإنسان المسلم هو شعور الإنسان بمراقبة الله عز وجل له، أما مصدر الإلزام في الأخلاق النظرية فهو الضمير المجرد أو الإحساس بالواجب أو القوانين الملزمة .
ولكن للأسف الشديد عندما تنظر إلى حال المجتمع العربي وتقوم بعمل دراسة على المستوى السلوكي والأخلاقي في هذا المجتمع تجد أننا نعيش في مستوى رديء وأن هناك عملية هدم لكل القيم والأخلاق الحميدة وأصبحت مجموعة المبادئ والقيم والأخلاق الحسنة مجرد تعابير ليس لها مكان في الواقع العملي إلا بنسب بسيطة جدًا وأصبحت الأخلاق السيئة ثقافه مكتسبة بل وصل إلى حد التباهي والاعتزاز لمن يحمل تلك الثقافة. وهنا سوف أتطرق لمجموعة من السلوكيات في المجتمعات العربية والتي أصبحت واقعا نعيشه ونلاحظه أمام أعيننا ونمارسه كل يوم حتى صارت ثقافة اعتدنا عليها ولا تجد من يستنكرها في المجتمع إلا نسبه بسيطة من الناس، أصبحت ردة فعلها محدودة التأثير حيث وصلنا إلى مستوى النظرة العجيبة والمريبة لأصحاب السلوك الحميد والحسن.ماذا يعني ذلك؟ يعني أن المجتمع يعيش أزمة أخلاقية وأن بعض هذا المجتمع يغيب عنه الوازع الديني والأخلاقي.
تمشي في أي شارع فتجد مجموعة من الناس يتجادلون ثم يشتبكون بالأيدي والعصي وأحيانا بالأسلحة النارية ويسقط بعضهم مجروحًا أو مقتولًا، وعندما تسأل لماذا وقع ذلك تجد أنه سبب بسيط لا يستدعي أن تصل الأمور إلى هذا الحد.
وتشاهد الجدال والاحتكاك بين الناس أحيانا لأتفه الأسباب.
وتتابع الفضائيات لكي تسمع نشرة الأخبار فترى مشاهد القتل والدمار والصراعات والتهجير والتفجيرات والفوضى في أكثر من بلد عربي، ماذا يعني هذا ؟ إننا أمام أزمة أخلاقية كبيرة وأن الناس قد فقدوا كثيرًا من مبادئهم وأخلاقياتهم واستبدلوا الماديات بالأخلاق وباعوا ضمائرهم لشهواتهم ورغباتهم، وتحول المجتمع إلى غابة من الوحوش تنهش بعضها البعض دون رحمة أو قانون يردعها.
ومن هنا لابد من إعادة النظر في سلوكنا وإعادة تصحيح مسار حياتنا ولنبدأ بأطفالنا وشبابنا ونغرس فيهم القيم والأخلاق الحميدة حتى تترسخ في عقولهم ونفوسهم وتصبح ثقافة لا يمكن التخلي عنها، فالتربية والتعليم في الصغر كالنقش على الصخرلا يمكن أن يزول حتى أمام تقلبات الطبيعة وتعرياتها.