بقلم البروفيسور إبراهيم أبو جابر

نائب رئيس حزب الوفاء والإصلاح

 

الانزلاق في مستنقع الكنيست


بات يقينا، وبالأدلة القطعية المرئية والمسموعة والمقروءة، حجم فاتورة المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، فلقد أكّدت جلسة الكنيست، مطلع هذا الأسبوع، الخاصة بمناقشة الخطة الحكومية لمكافحة حالة العنف في المجتمع العربي، على صدق رؤية القوى المقاطعة لانتخابات الكنيست، وما ساقت من محاذير كثيرة ضارة بمجتمعنا وثوابتنا وهويتنا الوطنية.


اٍن مجرّد حضور نتنياهو ووزير أمنه الداخلي وكبار ضباط الشرطة الجلسة، وحجم الٍاطراء على دور الشرطة الإسرائيلية في الحد من العنف من قبل الدكتور منصور عباس، والذي لا نشكك في نيته لمكافحة العنف ، إلا أنّ النوايا غير كافية في السياسة، له مدلولاته على مصير هذه الخطة ومآلاتها، وفرص نجاحها لا بل والثمن الواجب دفعه من قبل الجماهير العربية ومنها زيادة عدد مراكز الشرطة الإسرائيلية في البلدات العربية.


اٍن ما حصل ما هو اٍلا حلقة في مسلسل انزلاق أعضاء الكنيست العرب، بل والقائمة المشتركة في مستنقع الكنيست، ابتداء من التوصية على الجنرال غانتس كمرشح لرئاسة الحكومة، مرورا بالتصويت على بعض القوانين كالقوانين الخاصة بالشواذ جنسيا، إضافة اٍلى مواقف أخرى وتصريحات جدلية كثيرة تصب في باب التفاعل مع العملية السياسية بهدف التأثير بغض النظر عن اللون السياسي الحاكم.


لقد بدا واضحًا للعيان، من خلال ما أسموه الخطاب السياسي الجديد والنهج المغاير، وهذا ما عبّر عنه قادة بعض الأحزاب المشاركة في القائمة المشتركة وعلى رأسهم أيمن عودة ومنصور عباس أنهما ينويان الانفتاح على المجتمع الإسرائيلي بحجّة استيعاب أصوات اليسار، ممن لا يجدون حاضنة سياسية لهم. هذا المسمى الاٍنفتاح لن يقتصر على الجمهور الإسرائيلي فقط، بل أيضا على المستوى الرسمي الحاكم خدمة لمصالح الجماهير العربية كما يدّعون. اٍن هذه الرؤية غدت كما يبدو مشروعًا تتبناه القائمة المشتركة أو بعض مركباتها، قد يوصل في المحصلة اٍلى الاٍندماج في المجتمع الإسرائيلي بفقدان البوصلة والأسرلة لهثا خلف سراب وعود نتنياهو بل والمستوى السياسي الإسرائيلي.


لقد بات في حكم المؤكد بعد الاٍنزلاق الأخير للقائمة المشتركة، أن الفاتورة قد تصرف قريبًا جدًا، وقد بدت ملامحها بالغزل الحالي بين نتنياهو والمشتركة وما غرّد به موجها كلامه للمشتركة يطالبها بإصلاح خطأها بتصويت أعضائها ضد المعاهدة مع الاٍمارات، وربما البناء على ما هو أبعد من ذلك للقائمة المشتركة ككل، أو الاٍنفراد ببعض مكوناتها مثلما فعل بحزب "أزرق أبيض".


اٍن اعتدال بوصلة المجتمع العربي في الداخل مرهونة بإصلاح لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية وانتخابها انتخابًا مباشرًا، لا بالمشاركة في الكنيست الإسرائيلي، والتوافق على مشروع انقاذ عملي متكامل للداخل قابل للتطبيق، فالاٍرتماء في أحضان المستوى الرسمي الإسرائيلي ومنهم نتنياهو، الذي سبق وطرحت القائمة المشتركة اسقاطه هدفا رئيسًا في حملتها الانتخابية، لن يوقف العنف أبدًا ، فالسلطات الإسرائيلية معنية باستمراره ليبقى العرب منشغلين بالشأن الداخلي، على حساب القضايا المهمة الأخرى كالأرض والمسكن والمقدسات.