بقلم أ. زاهي عيسى
مواقع التواصل الاجتماعي ودور الشباب الميداني
لعل أدق وصف لمواقع التواصل الاجتماعي أنها حقل تتفاعل فيه التقنية والتّواصل كعمليّة اجتماعيّة معقدة ، أنشأت نمطاً عبقرياً من التفاعل الاجتماعي ونقلة نوعية في الاعلام .
لا يخفى على عاقل تداخل أدوات التواصل الاجتماعي في حياتنا على المستويين الفردي والجماعي ، سياسياً واجتماعياً وقد شهدنا ذلك من خلال تجارب ثورات الربيع العربي(وإن كانت وسائل الإعلام بالغت حينها في وصف دور شبكات التواصل الاجتماعي وتضخيمه على حساب الأشخاص المخططين والميدانيين)، فقد كان جلياً دور منصات فيسبوك وتويتر حينها في قدح شرارة التغيير، على ما تبع تلك الشرارة من تداخلات معقدة ، إلا أن دور تلك المنصات كان جلياً في تلك الشرارة،
لتلك الأسباب ولأنها صارت واقعا ملزماً في حياتنا لا يمكن الانفكاك عنه ، لا بد لنا أن ندرس هذه الوسيلة الفعالة في التأثير ونفهمها فهماً عميقاً يقودنا إلى استثمارها في سبيل غاياتنا السامية .
لقد قدمت النظريات الاعلامية على مدار سنوات العديد من الاجتهادات حول التأثير ، لعل أكثرها ارتباطاً بعالم مواقع التواصل الاجتماعي هي نظرية التسويق الاجتماعي التي تستهدف تكثيف المعرفة لتعديل السلوك،
بداية عن طريق زيادة المعلومات المرسلة إلى الجمهور لدفعه ليكون مهتماً بتكوين صورة ذهنية عن فكرة معينة ، ثم تصميم رسائل جديدة محددة أكثر للوصول إلى نتائج سلوكية ، وصناعة أحداث معينة لضمان الاستمرار في الفكرة وتغطيتها إعلامياً وجماهيرياً ، وفي النهاية حث الجمهور على اتخاذ فعل محدد يعبر عن الفكرة .
اذن , غني عن الذكر أنه في النهاية لا انفكاك عن العمل الحقيقي والنضال الميداني , ورغم ما تمثله وسائل التواصل الاجتماعي من أداة تأثير قوية بيد الشباب , الا أنها تمثل سلاحاً ذا حدين يهدد حضور الشباب الميداني , فالميدان أضحى فقيراً من روح الشباب وحضورهم القوي لِما أخذت منصات التواصل الاجتماعي من حضور ووقت لديهم .
لقد أصبحنا بحاجة بين الفينة والأخرى أن نلتمس حضورنا في المشاريع الميدانية والتواصل الحقيقي وجهاً لوجه مع الناس , وإلا فإن اغراءات العمل الافتراضي من إشباع لرغبة التأثير مع انعدام التكلفة سيقود لا محالة إلى ميدان لا مكان لنا فيه.
وبالخلاصة نؤكد على أهمية استثمار كل وسيلة نافعة للتأثير بشرط ألا نترك وسيلة من الوسائل الضرورية , فإنه ليقلق كل غيور ما نراه اليوم من عزوف أو تراخي الشباب عن العمل الميداني المتين طمعاً في الاستغناء عنه بما ينشدوه من فوائد في منصات التواصل الافتراضية.