فلسطينيات

زاوية تعنى بالتاريخ والتراث الفلسطيني

يحررها أ.سامي حلمي

 

حيفا عروس فلسطين

تقع مدينة حيفا على الملتقى بين سفوح الكرمل مع البحر المتوسط ما يجعلها موقعا استراتيجيا من الدرجة الأولى, وهذا ما جعلها قبل نكبة عام 48 مركزا حضاريا بارزا فكانت من أهم المدن الفلسطينية استقطابا للناس والتجار والمستهلكين, فقد تميزت بعدة أوجه : كمركز اقتصادي من خلال سكة الحديد الرابطة بين دمشق والمدينة المنورة مانحا المدينة والمنطقة انتعاشاً اقتصادياً لأنه يربط ما بين الساحل وسوريا, ومركزاً للمواصلات والتجارة من خلال مطاره ومينائه الشهير الذي اعتبر بوابة من فلسطين للأردن والعراق وسوريا, ومركزا صناعيا خاصة مصانع تكرير البترول والصناعات الثقيلة والمهمة , كل ذلك مجتمعاً وفَّر أكثر من 25000 فرصة عمل عشية النكبة.

هذا من جانب أما من الجانب الآخر الثقافي فقد نافست حيفا مدينة بيروت حيث كان يصدر فيها 35 جريدة وصحيفة سابقةً بذلك بيروت التي كانت تحتضن الثقافة والفن ودور النشر وقد قال أحد الباحثين " ما كان لبيروت أن تصبح عاصمة الثقافة العربية إلا بعد سقوط مدينة حيفا" فمن مكانتها الثقافية المستمرة أنتجت على مدار عشرات السنوات شرائح ونخب مثقفة ومتعلمة أثَّرت على مجرى الحياة في فلسطين قاطبة.

احتل الصهاينة مدينة حيفا بين 22 و23 نيسان 1948 وكان احتلالها مع مدينة يافا خاصة بمثابة قطع شريان الحياة وتغييرا في الموازين الديمغرافية والاقتصادية والتجارية والثقافية لصالح المحتل ذلك لثقل دورها في قضاء حيفا وفلسطين واعتماد الكثير من المدن والقرى في الداخل عليها.

اعتمد اليهود وقتها على التهجير القصري والقتل بالأسلحة المتطورة من خلال لواء كرملي البالغ عدده وقتذاك 3000 مهاجم التابع لعصابات الهاغانا الصهيونية مقابل 450 مقاوم فلسطيني بالبنادق التقليدية القديمة، حيث بلغ تعداد سكانها العرب عشية النكبة 75000 نسمة بقي منهم فقط 2500 وأصبح اليهود مباشرة يشكلون 96% من سكان حيفا.

من أحيائِها ومعالمِها قبل النكبة والتي ما زال أغلبها قائم الى اليوم: وادي النسناس, عباس, محطة الكرمل, الكبابير, الحليصا, وادي الجمال, وادي الصليب وغيرها. ومن معالمها الإسلامية والمسيحية: مسجد الاستقلال, مسجد الجريني أو النصر, مسجد الشيخ عبدالله, المسجد الصغير, مقام محمد المجاهد ومقام الخضر ومقام بنات يعقوب, المقبرة الغربية , مقبرة كفر سمير ومقبرة الاستقلال , دير الكرمل , كنيسة القديس يوحنا , كنيسة القديس لويس المارونية, كنيسة مار يوسف للاتين وغيرها من المعالم كحدائق البهائيين.

هذه حضارة فلسطين قبل النكبة متمثلة بمدينة حيفا التي تُكَّذِب كل من قال وما زال يقول: جئنا على أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.

                                                                      (مسجد الإستقلال قبل وبعد النكبة)