بقلم أ. سامي حلمي


وتستمر نكبتنا...ولكن

إذا كان يوم 15-5 من كل عام هو يوم الذكرى لنكبة شعبنا الفلسطيني، فهذا لا يعني أنه يوم عابر , فهذه الذكرى حاضرة يوميًا على مدار العام في قلوب وعقول الصادقين والأوفياء من هذا الشعب الأبي , نستذكر دائمًا مؤتمر بازل ووعد بلفور والانتداب البريطاني وقرار التقسيم سنة 1947 وتآمر الامم المتحدة كتوطئة وتمهيد لاغتصاب الوطن ومنحه للمشروع الصهيوني على طبق من حرير.
فرغم المحاولات الحثيثة التي يقوم بها "المجتمع الدولي" من أجل فرض سياسة الأمر الواقع بتبني تزوير التاريخ والسرقة وفرض العديد من "المسلّمات" على الأرض لتثبيت المشروع الصهيوني وتغييب الحق الفلسطيني البديهي، فإن الشواهد على النكبة من تاريخ وممارسات وعلى رأسها اغتصاب الأرض واللجوء والتشريد والذبح وهدم القرى وازدياد وتيرة الاضطهاد لنا أينما وُجدنا وسن القوانين العنصرية وغيرها, كلها تأبى إلا أن تقول للعالم أجمع , أيها العالم : إنني فلسطيني وحقي لن أنساه مهما فعلتم وكدتم, إنني فلسطيني رغم تآمربعض بني جلدتي عليّ، إنني فلسطيني حر ولن أتنازل عن حقي ولسوف أعود.
وتستمر نكبتنا وأعيننا ترمق المستقبل بشغف قائلة إن المستقبل لنا،
وتستمر نكبتنا ونحن نتطلع الى توحيد صفوفنا بعد أن تآمر العالم على تقطيع أوصال شعبنا, فها هي غزة العزة محاصرة منذ ما يقارب ال 15 سنة من أجل تركيعها وإخضاعها, وها هو شعبنا ما زال يكابد ويلات اللجوء بكل ما تحمل الكلمة من معنى، من التضييق وسلب مقومات الحياة الكريمة الطبيعية من بعض أبناء عروبتنا في دول الجوار, وها هي الضفة الغربية التي يتطلع ويتوقع منها أبناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان مزيدًا من الصمود والأمل فهي ترزح تحت وطأة جماعة أوسلو الذين لا يزالون مصممين على إنهاء المشروع الوطني الفلسطيني لصالح المشروع والأطماع الصهيونية النهمة من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
ونحن هنا في فلسطين الداخل نصارع على وجودنا وهويتنا من خلال استهدافنا ليل نهار لمحو هويتنا العربية الفلسطينية وهدم بيوتنا ومصادرة أراضينا وتدجيننا من خلال الكنيست وغيرها, حتى تكون الثقافة والتعليم والاقتصاد والتنمية كلها حسب مذاق المشروع الصهيوني الذي يسعى أصلًا لترحيلنا بصورة ناعمة وتهجيرنا مرة أخرى.

نكبتنا مستمرة، ومن بيننا من يتماهى ويذوب في المشروع الصهيوني بل يتعاطف ويبكى على ما حدث للشعب اليهودي في الحرب العالمية الثانية متغافلين مشروعية حق شعبنا الذي عانى القلع والمجازر والتهجير وما زال , هل هذا يا هؤلاء يُعيد حقنا المسلوب؟
نكبتنا مستمرة وأكبر مؤشر على ذلك هو ما يُعقد من صفقات خفية وعلنية متوجة آخرها ما يسمى "صفقة القرن" التي جاءت لتنهي وتستأصل الحق الفلسطيني الى غير رجعة, ومما يثير الاشمئزاز أن المؤامرة علينا يقودها اليوم بعض من زعماء الدول العربية وأعراب الخليج بكل ما أوتوا من مقومات وقدرات مالية وإعلامية ولوجيستية متناسين أصحاب الحق الأصليين ومتناسين رابطة العروبة والدين.

مع كل هذا نقول هيهات هيهات فإن الغالبية العظمى من شعبنا الفلسطيني عصية على الخضوع والخنوع، بل إنه بعد 72 سنة تزداد صلابة وصمودًا يومًا بعد يوم ولديه الإرادة الكبيرة على لفظ ومنع أي مؤامرة حالية ومستقبلية من خلال وحدته الكفيلة بتجميع أوصاله وعودته الى موطنه.