بقلم د. حسن صنع الله
يوم الأرض ومحورية الصراع
يُعتبر يوم الأرض الذي تعود أحداثه إلى 30 أذار 1976 حدثاً محورياً في الصراع على الأرض والرواية والهوية، وفي علاقة فلسطينيي الداخل بالمشروع الصهيوني حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي نظّم فيها فلسطينيو الداخل منذ عام 1948 احتجاجات شعبية رداً على السياسات الصهيونية بصفة جماعية ووطنية.
جاء هذا اليوم ليعبّر عن علاقة بين مُستعمِر ومُستعمَر وليس بين أغلبية وأقلية، في حين يرفض المجتمع الفلسطيني سياسة هذا المُستعمِر التعسفيّة، والتمييز العنصريّ الذي يمارسه، ومُصادرة أراضي الفلسطينيين منذ عام 1948.
لقد وجّه يوم الأرض صفعة مدوية لدعاة الشراكة العربية اليهودية، الذين أرادوا لهذا الشعب أن يغرد من داخل السرب، وعبّر عن انتصار شعبي للهوية والثوابت والرواية الفلسطينية. وأكد فلسطينيو الداخل من خلال انتفاضتهم الشعبية هذه أنهم مجتمع وجزء من شعب، وليسوا مجرد أقلية أو شتات.
يوم الأرض هو محطة من محطات تاريخ النضال الشعبي للداخل الفلسطيني، وقد تكرر هذا النضال بمحطات تاريخية لا تقل اهمية؛ كهبة النفق عام 1997، وأرض الروحة، وانتفاضة القدس والاقصى، وهبة البوابات الالكترونية في المسجد الاقصى المبارك، والتي أكد من خلالها أهل الداخل الفلسطيني رفضهم مشاريع التجزئة ورفضوا مشروع أوسلو ومشتقاته التي جاءت للقضاء على الهوية الفلسطينية الجامعة.
لقد عبّر الداخل الفلسطيني من خلال هذه المحطات التاريخية على أنه قادر على رفع سقف النضال والتعبئة الشعبية لإسناد المشروع الوطني الفلسطيني، وهذا بدوره رد على أصحاب مشاريع الاندماج في اللعبة السياسة الإسرائيلية والمدعومة بأموال الخارج المشبوهة، تلك المشاريع المغلولة والمكبلة بقوانين المشروع الصهيوني الذي يستهدف وجود الشعب الفلسطيني برمته.
يوم الأرض الخالد، وبعد مرور 44 عامًا عليه، يدعونا بالعودة إلى الوراء وقراءة التاريخ، من أجل تجديد الهمة والعودة إلى مشروع النضال الشعبي والوطني للوقوف ضد كل مشاريع الأسرلة ومحو الذاكرة والهوية، وتحدي المشروع الاستعماري التهويدي وسياساته العنصرية، والوقوف في وجه كل من يحاول من أبناء جلدتنا إسقاط الخصوصية الوطنية وفك الارتباط عن المشروع الوطني لصالح المشروع الصهيوني، بحجة أن الخصوصية الوطنية والثوابت تقف عائقًا أمام تحصيل الحقوق المدنية.