بقلم الأستاذ سامي حلمي
أدب الحوار بوابة تماسكنا
كثيرا ما نسمع المقولة المشهورة "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" , فهل حقيقة يمكن أن نتبنى هذا النهج في الفهم حتى يصبح نهجاً مبدئياً حاكماً لأدبيات تعاملنا في ظل ما هو ملاحظ بشكل جلي من غياب لأدب الحوار وسلب الآخر حق التعبير وإبداء الرأي ووجهة النظر. ؟!
أعتقد جازما أن جذور هذه الآفة السلبية إنما مصدرها في الخلل الحاصل في التربية المبدئية والتوجيه الصحيح في بيوتنا , فالبيت هو الحاضن الأول الذي يِصدر بضاعته للمجتمع الواسع، فإذا كانت البضاعة جيدة فإن انعكاسها سيكون إيجابيًا على المجتمع والعكس هو الصحيح.
إننا نمر بظروف نحن بأمس الحاجة فيها إلى التكاتف وفهم بعضنا البعض لأن الأخطار وسياسات السلطة الرسمية المحدقة بنا لا تفرق بين فرد وفرد مهما كان توجهه السياسي أو انتماؤه الحزبي، فالسوط هو ذات السوط الذي يضربنا جميعًا حتى لو كانت حدته متفاوتة مرحليًا, فقضايانا الجوهرية الأساسية التي تهمنا هي الهدف الأسمى الذي يجب على الجميع الالتفاف حوله ولا يكون ذلك إلا من خلال قبول الاختلاف كأمر طبيعي في حياتنا, فإذا وعينا أن الاختلاف في الرأي هو أمر محتوم وطبيعي فهي الخطوة الأولى في الحفاظ على النسيج المجتمعي المطلوب في الوقت الذي يتصاعد فيه خطاب الكراهية والعنصرية وسلب حقوقنا الثابتة , وإلا فإن البديل هو الانشغال والتناكف فيما بيننا على حساب قضايانا ومنح المتربصين بنا الأرضية الخصبة للاستمرار في تفريقنا وتمرير سياساتهم ضدنا.
فلا بد لنا أولاً وأخيراً الانتباه أن المعركة اليوم يجب ألا تكون بين أبناء المجتمع الواحد وإنما المعركة الحقيقية هي المعركة على الوعي والمعرفة ولما يحاك ضدنا ، فالمطلوب منا إدارة هذه المعركة بحكمة وبشكل حضاري وموضوعي بعيداً عن سياسة تكميم الأفواه والسب والشتائم واللغة الهابطة السوقية التي لا تخدم إلا أجندات قد وُجدت أصلًا للتفرقة بيننا من أجل ضرب مشروعنا الوطني والمجتمعي.
إن إبداء الرأي وحق التعبير والاختلاف أمر مكفول للجميع في الاوضاع الطبيعية ما دامت لا تخرق أو تنتهك الضوابط المجتمعية المقبولة دينياً ووطنيًا وعرفاً، فإذا كنت تريد التأثير على الآخرين برأيك فإن بوابة الإقناع هي وسيلة إدارة الحوار والاستماع الفعال بشكل حضاري وهي إشارة مبدئية على احترام الآخر كقيمة أخلاقية مجتمعية وهي الضمان الوحيد لتغيير وتبني الرأي أو عدم تبنيه، فإن كان هذا هو نهجنا في معاملاتنا فهو المؤشر والمعيار الحقيقي على مقدار فهمنا ووعينا وثقافتنا كمجتمع يعي قضاياه بعمق،لذا يبقى الاحترام المتبادل هو الضمانة الحقيقية لنستمر في التعاون والعمل المتفق عليه خدمة لمجتمعنا وشعبنا.