بقلم الشيخ حسام أبوليل
رئيس حزب الوفاء والإصلاح
التفاؤل أولى خطوات الانتصار على العنف
تؤلمنا كثيرًا هذه الجراح والآفات المستمرة والخصامات والنزاعات في مجتمعنا على أتفه الأسباب، وغير خافية آثارها السلبية، والتي تهدد مجمل عيشنا على أرضنا، ويصدع القلوب ويشتت العقول حين تعلم أن قسطًا من هذه الآلام جاءت بخناجر أبنائنا ممن باعوا أنفسهم وتحكمت ووجهت أيديهم سلطة حاقدة ترهقنا وتشغلنا عن قضايا شعبنا الكبرى.
كل هذا وأكثر كان عند كثير من الشعوب المقهورة ومن جثم على صدرها عدو محتل جاء ليشبع غريزة الجشع والطمع والاستعلاء، حتى ارتكبت المجازر على أيدي المحتلين ونشروا الفوضى بين السكان الأصليين وأغرقوهم بالسلاح وغذوا الصراعات القبلية والطائفية وغيرها، واشتعلت حروب أهلية طاحنة أحرقت كل شيء، والعدو يتفرج وينهب وقد كفي نفسه مؤنة المواجهة، حتى دب اليأس في النفوس وغادر البعض الأوطان وعشعش في نفوس البعض أن لا أمل في الإصلاح، بل كان لهذا الفكر في كل زمان مروجون مأجورون، وهذا أخطر الأدواء وألدّ الأعداء، أن يسيطر اليأس وتمتلأ القلوب رعبًا ولا يكون لها همّ إلا الأمان والطعام واستجداء العدو أن يحميهم، وهكذا عرف عدوهم من أين تؤكل الكتف.
لو بقيت هذه العقلية مسيطرة لما نهضت أمة، ولكن علموا أنها غيمة صيف وأنها لعبة الغريب، فزرع أصحاب العقل والفهم الأمل ونشروا الوعي والعلم والتربية، فنهضوا وانتفضوا على الهزيمة الداخلية ثم على أعدائهم وانتصروا.
لقد شهد التاريخ أن كثيرًا من المجتمعات شقت طريق النجاح بعد الأزمات والكوارث، ولا أصدق من تاريخ العرب في الجاهلية في مقابل دولتي الفرس والروم حين جاءت رسالة الإسلام العظيمة وأخرجتهم من الظلمات إلى النور، وساد الإيثار بدل الأثرة، واجتمع العربي والفارسي والرومي والحبشي أخوة.
اليابان: دمرتها الحرب العالمية، لكنها تعلمت من نهضة العرب بالقيم والأخلاق الإسلامية في أقصر مدة، فكان دستورها يبدأ بالقيم والأخلاق تفاعلًا لا تلقينًا في المدارس فنهضت وتقدمت.
رواندا مثال صارخ على حروب أهلية بين قبيلتي الهوتو والتوتسي وراح ضحيتها أكثر من مليون إنسان وما رافقها من ويلات، نهضت من جديد حتى صنفت الأمم المتحدة عاصمتها كيغالي عام 2015 كأجمل مدينة في أفريقيا وأصبحت رواندا عام 2016 أولى الدول الأفريقية جذبا لرجال الأعمال وتحتل المركز السابع عالميا في النمو الاقتصادي والمركز 22 في ريادة الأعمال ...
والجزائر وسنغافورة وماليزيا وغيرها، رغم الويلات والتعددية والاختلافات نهضت.
فينا خير كثير وطاقات كبيرة، علينا أن نؤمن بأنفسنا وتثق بقدراتنا، فلا يأس مع الإيمان، بالتفاؤل والأمل تنهض الشعوب والأفراد لأنها بداية الهمة والعزيمة، ويأتي التخطيط وبذل الجهود الجماعية والفردية، وتسير عجلة الإصلاح، تبدأ وتنتهي في البيت والأهل، وتمرّ بالمدرسة والجامع والمؤسسات تربيةً وتحصينًا ومواجهةً لتجار الدم والفوضى.