بقلم البرفيسور إبراهيم أبو جابر
مآلات التدخل التركي في الأزمة السورية
آثر حزب العدالة والتنمية منذ وصوله للسلطة عام 2002 عدم التدخّل في شؤون دول الجوار، لا بل عمل وفق النظرية الصفرية في الصراع على المستويين الداخلي والخارجي مما خلق بيئة مناسبة لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في تركيا.
نجح حزب العدالة والتنمية هذا في طرحه إلى درجة عالية ،ممّا ساعد على بدء النهضة التنموية في تركيا بفضل الاستقرار السياسي بناء على القاعدة المشار إليها أعلاه، غير أن تفجّر الثورة السورية على الحدود الجنوبية لتركيا ،وتدفّق ملايين اللاجئين السوريين إلى الأراضي التركية فارين من نيران جيش النظام السوري وبحثًا عن ملاذ آمن هربًا من جرائم السفاح بشار والعصابات الموالية له ،كل ذلك حمل القيادة التركية على إعادة النظر في سياساتها عامة، فقد كلّف اللاجئون السوريون هؤلاء خزينة الدولة التركية مليارات الدولارات، مما أثّر سلبيا على الاقتصاد التركي مع الوقت رغم انتعاشه ابتداء من هجرة السوريين وحجم استثماراتهم في تركيا.
إنّ اختلاط الأوراق على مستوى المشهد السوري والتدخلات الأجنبية فيه مثل إيران وميلشياتها، ثم الدول الغربية وأهمها الولايات المتحدة وروسيا،.دفعت تركيا بقوة إلى التخطيط لحماية حدودها الجنوبية، بخاصة بعد دعم القوات الأمريكية لقوات سوريا الديمقراطية(قسد) الكردية والمصنّفة إرهابية من قبل أنقرة. فقوات سوريا الديمقراطية هذه تتهمها تركيا بالمسؤولية عن عديد التفجيرات داخل الأراضي التركية، وعدائها الشديد للجماعات السورية المعارضة للنظام والموالية لتركيا، وسعيها لإقامة دولة علمانية في سوريا.
إنّ أهداف أنقرة من تدخلها العسكري في الشمال السوري عدا القضاء على قوات سوريا الديمقراطية، هو ملاحقة عناصر ما يسمى بداعش وبعض المجموعات الدخيلة المندسة لتشويه الثورة وبعثرة الأوراق، وحماية الجماعات المسلحة الموالية للثورة التي تم ترحيلها إلى منطقة إدلب في الشمال السوري وبوساطة تركية، ثم إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري تمكّنها من إعادة توطين اللاجئين السوريين فيها بعيدا عن شبح بطش النظام وحلفائه. لكنّ الذي يؤرق القيادة السياسية في أنقرة أيضا هو الوجود الأجنبي على حدودها الجنوبية كالمليشيات الإيرانية والقوات الأمريكية والروسية وغيرها مما دفع الاتراك للتوجس من عواقب هذا الحضور العسكري مستقبلا، بخاصة والبعض يتربّص بحزب العدالة والتنمية، وغير راض عن سياسة الرئيس أردوغان وتصريحاته التي تحمل رسائل غير مطمئنة لأمريكا وإسرائيل والغرب عموما.
يحمل التدخل التركي في سوريا مخاطر للدولة التركية أيضا على مستويات عدّة أهمها التأثير السلبي على اقتصاد البلاد، وتراجع معدّلات صرف الليرة التركية، وشحّ السيولة المالية، لا بل تراجع عدد المستثمرين الأجانب في تركيا مما سيضر كثيرا باحتياطي الدولار في الدولة كنتيجة طبيعية لوقف وسحب الاستثمارات الأجنبية المذكورة، وما ستواجهه تركيا من عقوبات متوقّعة من الولايات المتحدة.
سيضر هذا الوضع يقينا بشعبية حزب العدالة والتنمية لصالح قوى المعارضة التركية، وهذا ما حصل في الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا هذا العام، وخسارة مرشح حزب العدالة والتنمية في المنافسة على رئاسة بلدية إسطنبول.
وأخيرا تملك القيادة التركية الحالية تجربة سياسية غنيّة، وتعي ما يحصل في الإقليم، وهي تتصرّف بناء على مصالحها القومية، ولهذا فهي قادرة أيضا على تخطي هذه الأزمة وإن فسّر الكثيرون وجودها المؤقت على الأراضي السورية غير شرعي.
بقلم البرفيسور إبراهيم أبو جابر
مآلات التدخل التركي في الأزمة السورية
آثر حزب العدالة والتنمية منذ وصوله للسلطة عام 2002 عدم التدخّل في شؤون دول الجوار، لا بل عمل وفق النظرية الصفرية في الصراع على المستويين الداخلي والخارجي مما خلق بيئة مناسبة لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في تركيا.
نجح حزب العدالة والتنمية هذا في طرحه إلى درجة عالية ،ممّا ساعد على بدء النهضة التنموية في تركيا بفضل الاستقرار السياسي بناء على القاعدة المشار إليها أعلاه، غير أن تفجّر الثورة السورية على الحدود الجنوبية لتركيا ،وتدفّق ملايين اللاجئين السوريين إلى الأراضي التركية فارين من نيران جيش النظام السوري وبحثًا عن ملاذ آمن هربًا من جرائم السفاح بشار والعصابات الموالية له ،كل ذلك حمل القيادة التركية على إعادة النظر في سياساتها عامة، فقد كلّف اللاجئون السوريون هؤلاء خزينة الدولة التركية مليارات الدولارات، مما أثّر سلبيا على الاقتصاد التركي مع الوقت رغم انتعاشه ابتداء من هجرة السوريين وحجم استثماراتهم في تركيا.
إنّ اختلاط الأوراق على مستوى المشهد السوري والتدخلات الأجنبية فيه مثل إيران وميلشياتها، ثم الدول الغربية وأهمها الولايات المتحدة وروسيا،.دفعت تركيا بقوة إلى التخطيط لحماية حدودها الجنوبية، بخاصة بعد دعم القوات الأمريكية لقوات سوريا الديمقراطية(قسد) الكردية والمصنّفة إرهابية من قبل أنقرة. فقوات سوريا الديمقراطية هذه تتهمها تركيا بالمسؤولية عن عديد التفجيرات داخل الأراضي التركية، وعدائها الشديد للجماعات السورية المعارضة للنظام والموالية لتركيا، وسعيها لإقامة دولة علمانية في سوريا.
إنّ أهداف أنقرة من تدخلها العسكري في الشمال السوري عدا القضاء على قوات سوريا الديمقراطية، هو ملاحقة عناصر ما يسمى بداعش وبعض المجموعات الدخيلة المندسة لتشويه الثورة وبعثرة الأوراق، وحماية الجماعات المسلحة الموالية للثورة التي تم ترحيلها إلى منطقة إدلب في الشمال السوري وبوساطة تركية، ثم إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري تمكّنها من إعادة توطين اللاجئين السوريين فيها بعيدا عن شبح بطش النظام وحلفائه. لكنّ الذي يؤرق القيادة السياسية في أنقرة أيضا هو الوجود الأجنبي على حدودها الجنوبية كالمليشيات الإيرانية والقوات الأمريكية والروسية وغيرها مما دفع الاتراك للتوجس من عواقب هذا الحضور العسكري مستقبلا، بخاصة والبعض يتربّص بحزب العدالة والتنمية، وغير راض عن سياسة الرئيس أردوغان وتصريحاته التي تحمل رسائل غير مطمئنة لأمريكا وإسرائيل والغرب عموما.
يحمل التدخل التركي في سوريا مخاطر للدولة التركية أيضا على مستويات عدّة أهمها التأثير السلبي على اقتصاد البلاد، وتراجع معدّلات صرف الليرة التركية، وشحّ السيولة المالية، لا بل تراجع عدد المستثمرين الأجانب في تركيا مما سيضر كثيرا باحتياطي الدولار في الدولة كنتيجة طبيعية لوقف وسحب الاستثمارات الأجنبية المذكورة، وما ستواجهه تركيا من عقوبات متوقّعة من الولايات المتحدة.
سيضر هذا الوضع يقينا بشعبية حزب العدالة والتنمية لصالح قوى المعارضة التركية، وهذا ما حصل في الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا هذا العام، وخسارة مرشح حزب العدالة والتنمية في المنافسة على رئاسة بلدية إسطنبول.
وأخيرا تملك القيادة التركية الحالية تجربة سياسية غنيّة، وتعي ما يحصل في الإقليم، وهي تتصرّف بناء على مصالحها القومية، ولهذا فهي قادرة أيضا على تخطي هذه الأزمة وإن فسّر الكثيرون وجودها المؤقت على الأراضي السورية غير شرعي.