بقلم الأستاذ سامي حلمي
تقزيم الثوابت .... من المستفيد
ليس لنا إلا هذا الوطن ولم يبق لنا سواه.
أخشى ما أخشاه أن السياسات والضغوطات الإسرائيلية على مجتمعنا الآخذة بالتوسع والهادفة إلى سلبه ثوابته إلى أبد الآبدين قد بدأت تؤتي أكلها بصورة علنية بعد أن كانت على مدار وقت طويل مُخبّأة تحت عباءة ما يسمى بواحة الديمقراطية والتعايش تحت سقف واحد.
المشروع الصهيوني كمشروع استعماري يا سادة لم يتم زرعه من أجل أن يُتنازل عنه أو عن بعضه في مرحلة من المراحل لعيون من سلبهم حقوقهم بل جاء من أجل تحقيق رؤيته واستراتيجيته في بناء إسرائيل الكبرى بدءاً من فلسطين ومرورًا الى الدول العربية في الشرق الاوسط , وقد نجح حتى الآن أيما نجاحات بواسطة استيلائه الفكري والاستحواذي على هذه العوالم بل إن الأنكى من ذلك أن الغالبية العظمى من العربان قد سُحرت بمذاق الصهيونية حتى باتت هي المنافح والمدافع عنها وفي بعض الحالات يدها الباطشة بنا وبالعرب والمسلمين.
إن بوادر الإنزلاق لدى العديد من مركبات مجتمعنا الحزبية نحو التهافت على مشروع الكنيست الصهيوني ما هو إلا مؤشر خطير على بدء فقدان البوصلة في الحفاظ على كينونتنا ووجودنا وهويتنا والتمسك بثوابت وطننا المسلوب , وأكبر دليل على ذلك ما جرى في الانتخابات الأخيرة من المناداة بتسليم الهويات لمن لا يريد " أن يشارك في اللعبة" بل ان التوصية على غانتس قاتل شعبنا كخيار استراتيجي لتشكيل الحكومة الإسرائيلية تعدت كل الخطوط الحمراء التي لم يكن المجتمع الفلسطيني في الداخل وفي الخارج ليحلم بها في أسوأ أحلامه وأحلك فتراته.
نقول لكل الذين انحرفوا عن ثوابت شعبنا والذي ما زال مسلسل انحرافهم مستمرًا بحجة الوصول الى المساواة الخدماتية , يا هؤلاء حتى أن حزب الليكود العنصري المتطرف لم يتجرأ علانية حتى هذه اللحظة أن يدعونا للرحيل وتسليم هوياتنا .
لا نريد لكم الانزلاق كما فعل حكام العرب بشعوبهم بالتنازل عن ثوابت الأوطان والدين بل عودوا الى رشدكم وإلى حضن شعبكم وانضموا الى ركب إخوانكم وتعالوا نضع ايدينا بأيدي بعض للدفاع عن هويتنا ولغتنا وأرضنا ومقدساتنا ومستقبل أبنائنا ، كونوا عقلاء واعتبروا من سبعين سنة لم تُجدِ نفعًا في وكر الكنيست بل إنه مع مرور الوقت وبالتزامن مع وجود أكبر عدد من اعضاء الكنسيت العرب فيه ازدادت القوانين العنصرية التنكيلية ضدنا أضعافًا مضاعفة.
لا يمكن التنازل عن الثوابت تحت أي ظرف كان حتى لو أوصلَنَا ذلك الى المجاعة والسجون لأننا لا نريد الذوبان في مشروع الأسرلة الخطير الذي يمكن أن يوصلنا الى الهاوية، فكان يمكن أن يكون أكبر تبرير لمثل هذا الشأن موافقة السلطان عبد الحميد لأخذ أكياس الذهب من هرتسل مقابل السماح لليهود بالهجرة الى فلسطين في الوقت التي كانت فيه الدولة غارقة حتى الأذنين في الديون .
المشروع الصهيوني مشروع جشع نَهِم ولن يهدأ له بال حتى يدمر كل آمالنا وثوابتنا إن استطاع، فلا تكونوا عونا له مصداقا لقول الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند.