مقاطعة انتخابات

الكنيست موقف مبدئي ثابت!!

 

مقاطعة مجموعة من أصحاب حق التصويت لانتخابات في بلد ما حقٌ شرعيٌ بخاصة في الدول الديمقراطية وغير المستبدة، تُستعمل أحياناً من قبل الناخبين كوسيلة احتجاج سياسي، أو للتعبير عن موقف ما ضد منهجية تزوير الإنتخابات، أو تحيّز النظام المشرف على العملية الانتخابية لمرشح بعينه، أو أخيراً لافتقاد النظام القائم على الانتخابات للشرعية أصلا.

ويأتي تبني حزب "الوفاء والإصلاح"، الذي هو أصلا حزب غير برلماني، خيار مقاطعة انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي ستجري في 9 أبريل/نيسان القادم (2019) من منطلق مبدأي وأصيل، بعيداً عن التجاذبات السياسية الحاصلة بين مختلف الطيف الحزبي في الداخل الفلسطيني.

اعتمد الحزب في موقفه من انتخابات الكنيست على ثلاث قضايا أساسية هي: الشرعية أولا، ثم الجدوى من خوض العملية الانتخابية، وأخيراً الخطاب السياسي العام. فخطاب حزب "الوفاء والإصلاح" ليس خطاباً مطلبياً، أي داعياً للمساواة او لديموقراطية النظام الحاكم مثلاً، وإنما يدعو الى التمسك بثوابت شعبنا الفلسطيني وحقه في وطنه.

ان الدارس لإحصائيات ونسب مشاركة فلسطينيي الداخل في الانتخابات الإسرائيلية منذ بدايتها العام 1949، يلاحظ تزايد نسبة المقاطعين لها من العرب، حيث بلغت ذروتها عام 2001 بعد انتفاضة الأقصى فبلغت نسبة المشاركين فيها 18% فقط، في حين قاطعها ما نسبته 82% من فلسطينيي الداخل.

 وبقراءة سريعة لمشاركة فلسطينيي الداخل في انتخابات الكنيست يُلاحظ أنها كانت دائما في تراجع، ففي السنوات 1949 – 1969 تراوحت نسبة التصويت 80%، وفي السنوات 1973 – 1999 تراوحت 68%، وقد هبطت نسبة التصويت في الانتخابات الاربع الأخيرة بشكلٍ حاد: ففي العام 2003 بلغت 62%؛ وفي العام 2006 بلغت 56% فقط؛ في حين بلغت في انتخابات (2009) قرابة 53%”، وبلغت النسبة في انتخابات عام 2013 نحو 56% فقط.

ويرى المراقبون أن نسبة المقاطعة في الانتخابات المقبلة ستكون الأكبر في تاريخ الإنتخابات الإسرائيلية منذ العام 49، وذلك لأسباب كثيرة تراكمية أهمها السياسات الإسرائيلية المجحفة في حق الفلسطينيين في الداخل بل والشعب الفلسطيني عامة، بخاصة القوانين العنصرية وعلى رأسها قانون القومية الذي جسّد نظام الفصل العنصري (الابارتهايد)، والهدم الممنهج للبيوت العربية، والملاحقات السياسية التعسفية، والتمييز الصارخ ضد العرب في مختلف مناحي الحياة.

وأخيراً فلا جدوى مرجوة إذن من انتخابات الكنيست الإسرائيلي المقبلة في ظل المعطيات المذكورة، فمنذ العام 1949 والفلسطينيون في الداخل يشاركون في الانتخابات دونما مردود حقيقي على المستوى الجماعي، إلا بعض الإنجازات القليلة التي لا ترتقي الى مستوى آمال وطموحات الفلسطينيين الشرعية، فالمقاطعة اذن حق شرعي للفرد والجماعة، وموقف مبدئي لحزب "الوفاء والإصلاح" وكوادره وانصاره من أبناء مجتمعنا!!!