الحراك الجماهيري   كأهم محطة  نضالية(1-2)

بقلم الأستاذ يوسف كيال

 

تعددت أساليب النضال من أجل نيل الحقوق الوطنية أو السياسية أو الاجتماعية لأي مجموعة كانت سواء دينية ، عرقية، سياسية إجتماعية ،وطنية ، ثقافية أو غيرها  .

 ومن هذه الأساليب النضال البرلماني، التظاهر ، اللجوء الى  القضاء ،النضال المسلح  أو الحراك شعبي .

 

كما هو معلوم فإن نوع وطبيعة النضال  تتعلق بملائمته للواقع  ، فإذا تم انتهاج  أسلوب نضالي غير مناسب وغير متكافئ بين الأطراف فإن ذلك سيكون له نتائج كارثية على أصحاب  النضال ، فعلى سبيل المثال  لا الحصر شهد التاريخ إبادة جماعية للعبيد عند ثورتهم المسلحة ضد الرومان بقيادة سبارتاكوس حيث لم  تتكافأ القوى في تلك الفترة ، وتم إزالة مدينة حماة عن الوجود في عهد حافظ الأسد  ، وجلبت المفاوضات وتوقيع السلام بين السلطة الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي نتائج كارثية على المستوى الوطني والإجتماعي والأمثلة  على كثيرة.

 

من أساليب النضال  التي سجلت نجاحاً وإنجازاً على مدار التاريخ وفي مواقع متعددة في هذه المعمورة  هو الحراك الجماهيري أو الشعبي أو الهبة الشعبية ، ونذكر من تاريخ أمتنا النموذج الأول من الحراك الجماهيري وهو هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من مكة إلى المدينة رفضا لسياسة مشركي مكة التي تريد سلب إيمانهم وعقيدتهم ، ورغم ما لاقوا من مقاومة واعتداءت واعتقالات واغتيالات إلا أنه في المحصلة الأخيرة كُتب لهذة الهبة النصر وتغيير المعادلة وبدأت حقبة جديدة في تاريخ البشرية   بشكل عام والأمه العربية بشكل خاص .

 

 التاريخ يسطر بعد ذلك أمثلة كثيرة كحراك السود في الولايات المتحدة ضد قوانين الفصل العنصري والتي انتهت بإقرار المساواة بين البيض والسود ، والحراك الجماهيري في الهند ضد الإستعمار البريطاني والذي أدى الى استقلال الهند ، والحراك الجماهيري  في بوليفيا ضد خصخصة شركة المياه والتي أدت الى إلغاء العقد ، وحراك الناس بقيادة نيلسون مانديلا في جنوب افريقيا رغم مكوث القائد مدة 27 عاماً في السجن والتي أدت في النهاية إلى إلغاء حكم الأبرتهايد والأمثلة لا تعد ولا تحصى .

خير مثال على نجاعة ونجاح الحراك الجماهيري هو ما حصل يوم 30 أذار 1976 حيث خرج الناس بصورة جماعية  سلمية متحدين قرار السلطات بمصادرة الأراضي ومنع التجوّل متجاوزين قرار السلطات المحلية بعدم التظاهر ، وقد تجاوزت الجماهير بحسها الوطني  السلطات المحلية وعياً وممارسةً فكان الشهداء والجرحى والمعتقلون وكان الانتصار على قرار السلطات القاضي بمصادرة الأراضي وكان لحراك الجماهير في أم السحالي وعلى أراضي الروحة وبيرهدّاج الأثر الإيجابي في مواجهة سياسة السلطات ضد الجماهير الفلسطينة وسياسة مصادرة الأراضي .

اثبت الحراك الجماهيري نجاعته في كل مكان توفرت فيه  استراتيجيه واضحة وقيادة ذات مصداقية وسط الجماهير

 -  يتبع.